meddahri
عدد الرسائل : 66 العمر : 39 تاريخ التسجيل : 18/03/2008
| موضوع: فيلم 21 غرام الإثنين أبريل 14, 2008 1:47 pm | |
|
تقاطع المصائر في فيلم – 21 غرام –
عنوان الفيلم – 21 غرام ! اخراج – اليخاندرو غونزاليس اناريتو تمثيل - شون بين – بينكوديل تورو – نعومي واتنس (( غرام هو كل مايكسبه الانسان من وزن وهو حي ! )) (( غرام هو كل مايخسره الانسان من وزن وهو ميت ! )) - معادلة ميثولوجية تقوم على فكرة " ان وزن الروح هو 21 غرام " هكذا قدم لنا هذا الفيلم خرائط الحياة والموت ، الايمان ، الالحاد ، عقدة الذنب المشتركة ، وعقدة خسران كل شيء ، وخطابات الوجود والعدم عبر سرد غير تقليدي ، ايحاءات عدم الاستقرار الدائم والترقب الدائم ، كل هذا عبر ثلاثة محاور اوثلاث شخصيات رئيسية تلتقي بقدرية خارقة .. " بول " المريض في القلب .. امامه شهرواحد فقط ليتوقف قلبه اذا لم يظهر - واهب - . " كريستينا" الفتاة العذبة التي تفقد عائلتها بحادث سيارة . " جاك " الذي كان من ارباب السوابق لكنه يتجه الى الايمان بقوة ، وينجذب الى الكنيسة بحماسة وفورة تجعله يفسر فوزه في اليانصيب على انه - هدية من السيد المسيح - . ترتبط هذه الشخصيات بخيوط قدرية مرئية .. تحرك اقدارها وعقدها ، " جاك" يقود الشاحنة التي ربحها في اليانصيب بسرعة فائقة ، زوج كريستينا وبناتها في طريقهم الى البيت ، " جاك " يدهس الثلاثة ، وتتغلب عليه انانيته فيمضي في طريقه دون ان يتوقف ليسعف احدا .. تركهم يموتون وهو مصاب بذهول ، وتنقل الجثث الى المستشفى ، ويتم العثور على مانح قلب الى " بول " الراقد في اعماق غيبوبة هي اقرب الى الموت منها الى الحياة . ونجد منذ المشهد الاول بدءا من الخفافيش التي تملاء الخلفية العامة للشاشة ، اذ تنتقل الكاميرا بمشاهد " كلوز " حتى في مشاهد " الفلاش باك " الكثيرة . فنرى الزمن متداخلا بل يتفتت عبر الشخصيات المحورية ، فتتوالى اللقطات بازمان مختلفة وانتقالات سريعة من الماضي الى المستقبل مع ترقبنا للحاضر ، اذ نرى اقتراب الممثل ومجموعة الاحداث من المشاهد ، وقد تساوت لقطات الشخصيات الثلاث المصنوعة باحكام ، وقد ازدادت تقنيات سرد الاحداث بشكل متواز مع تحفيز المشاهد الذي تعمد المخرج ان يزيل المسافة بينه وبين الاحداث ، بل حاول ان يترك للمشاهد حرية تركيب المشاهد وتفسيرها ، فكانت روابط المحاور الثلاثة تؤدي الى بعضها البعض بحسم قدري مذهل ، وعبر تداخل سردي صوري ، ننتقل من مشهد مكرس الى " جاك " وهو في السجن الى "بول " وهو في المستشفى الى " كريستينا " في المسبح ، وينمو الحدث ، حدث نتوقعه عبر عملية تفتيت الزمن باشارات حادة تكرس تقاطعا للمصائر . اما الصف الثاني من النجوم فكان ارتباطهم قويا بالاحداث " زوجة بول " التي تحلم ان تحصل على طفل من رجل لم يبق له من الحياة سوى شهر واحد ، او " زوجة جاك " التي تحاول ان تفهم تحولات زوجها من لص محترف الى رجل متدين وصراعه بين الايمان والالحاد ، وشخصية " كريستينا " المهيمنة على القصة ، والتي تتبرع وهي مصدومة بقلب زوجها الى رجل لاتعرفه ، وثم تقصي " بول ": عن اسم الواهب وظروف موته التي تجعله يمضي قدما لمعرفة القاتل وارتباطه بعلاقة حب تقوم على اساس العرفان بالجميل مع " كريستينا " علاقة حب غريبة محكومة بقدر هائل من العواطف .. عواطف الصدمة .. صدمة كون انها تعلم ان الرجل الذي امامها يحمل قلب زوجها الذي فقدته في حادث سيارة . هذه المصائر المشتركة التي ترجمت عبر اللون والصورة والانفعال المهيمن على الشخصيات المحاصرة بعقدة الذنب المشتركة بينهما التي تنتهي بالانهيار .. " بول " ينهار لانه محكوم عليه بالموت اذا لم يظهر متبرع جديد ، فيقرر ان يكرس مابقي له من ايام لخدمة " كريستينا " التي تقرر ان تنتقم من قاتل عائلتها و " جاك " الذي ينهار ويعترف للشرطة ويسجن وفي ذهنه كما عرفنا سابقا ان الشاحنة التي ربحها باليانصيب هي هدية من السيد المسيح ولكن حينما تتحول الشاحنة الى اداة قتل يصرخ .. " المسيح خانني ... " لانه لم يسعف المصابين فتتحول حياته الى جحيم ، فيلجأ الى الاضراب عن الطعام ويفشل في محاولة انتحار في السجن وحينما يخرج يتمنى ان ينال عقابه بالموت ... ويتمناه خاصة على يد " بول " الذي صوب مسدسه الى رأس " جاك " لكنه يفشل في تنفيذ ذلك ، ويقتحم حياة " كريستينا " و " بول " مستنجدا بهما ان يقتلاه ليزيح عنه ثقل جريمته . وفي غمرة هذه الاحداث الضاغطة على الجميع بشدة يقرر " بول " الانسحاب من العالم فيصوب المسدس الى صدره وفي ذهنه " 21 غرام .. وزن الروح " وهي كل ماسيفقده الانسان اذا مات . عموما يمكن تصنيف الفيلم على انه فيلم سايكلوجي يعتمد سردا غير تقليدي مارس عملية الايحاء بعدم الاستقرار في انتقالات سريعة بيبن الماضي والحاضر مركزا على اللقطات الكبيرة ، واثار الكثير من المشكلات الوجودية كالحياة والموت بقالب قصصي قام على حبكة ثلاثة عوامل كل عامل اثار مشكلات الوجود وصراع القيم الاخلاقية من خلال سيناريو رومانسي ، وبمفردات بسيطة تعتمد الصدمات المتوالية منذ البداية حيث مشهد الرغوة في القدح التي تصفها " كريستينا " بانها كالبركان مرورا بمشهد الطيور ، هذه كلها مجموعة استعارات تقوم على مبدأ الشحن النفسي ، واذا كان هناك ثمة هنة تحسب على الفيلم فهي تعدد الشخصيات الذي اثقل القصة ، فالشخصيات التي يفترض انها ثانوية كان لها فعلها وتأثيرها من خلال الحوارات الخطيرة التي كانت تدور ، فمثلا بين جاك وزوجته ، حيث تقول له " انت بلا مسيح كنت افضل " . ويعتبر التصوير او خطة التصوير العامة ارقى مافي الفيلم ، فقد قدم لنا المخرج سينما جمالية حقيقية حيث لاتوجد لقطة واحدة في الفيلم لم تصنع ببراعة ، فكل اللقطات مزدحمة ولايوجد فيها فراغ وكانت اللقطات تنتقل من " المتوسطة والكبيرة وحتى الكلوز " قدمت لنا دراسات للوجوه والذات ، اما حركة الكاميرا كقيمة دلالية كانت تصور " 360 درجة " فاللقطة المحمولة هي في الحاضردائما مما يزيد من جمالها انها لم تترك مسافة بين الشاشة والمشاهد ، وكذلك اعتماد الفيلم على تفتيت الزمن وهذا نوع من تقنيات السرد السينمائي الذي يعتمد اكثر من اطار في تقديمها عبر الوسائل التعبيرية مثل قطع الفعل الدرامي وطرح الايهام بين المتفرج والابطال حيث يكون التفتيت مقصودا باستخدام لقطات قريبة . واخيرا كان العنوان ثريا مهمة وكبيرة هيمنت كثيرا على الفيلم واكملت بعده الفلسفي والجمالي " فلماذا 21 غرام .. ؟ اقول ربما لانه وزن الذهب الصافي اى ليس " 24 غرام " الذي هو الزئبق ولا " 18 غرام " الاستهلاكي .. ربما ولكن تبقى عبارة " بول " المبطنة والتي قال فيها ضمنيا مامعناه ان " 21 غرام ... هو وزن الروح بعد الموت " هي التفسير المعقول والصحيح . | |
|